إغلاق

ملخص العلم هذا الأسبوع

إطلع على أرشيف ملخصات الأسابيع السابقة!

الفلسفة (الحلقة الثالتة) : من مثالية أفلاطون إلى نزعة أرسطو المادية

  • تعليق

بعد المدرسة السقراطية باتت الفلسفة بين مد و جزر حيث تجاذبتها عدة مدارس فلسفية أهمها المدرسة المثالية الأفلاطونية و المدرسة الأرسطية المادية و سنسعى خلال هذه الحلقة إلى ابراز أهم الأفكار العلمية و أهم الفلاسفة خلال هذه المرحلة الحاسمة في تاريخ الفلسفة اليونانية و بالتالي في تاريخ العلم ككل :

=> أفلاطون 427-428 ق.م \ 347-348 ق.م
فيلسوف يوناني كلاسيكي، رياضياتي، كاتب عدد من الحوارات الفلسفية، ويعتبر مؤسس لأكاديمية أثينا التي هي أول معهد للتعليم العالي في العالم الغربي، معلمه سقراط وتلميذه أرسطو، وضع أفلاطون الأسس الأولى للفلسفة الغربية والعلوم. لقد أسس أفلاطون الفلسفة المثالية وعرف الفلسفة بأنها السعى الدائم لتحصيل المعرفة الكلية الشاملة التي تستخدم العقل وسيلة لها وتجعل الوصول إلى الحقيقة أسمى غاياتها.
تميِّز الميتافيزياء الأفلاطونية بين عالمين: العالم الأول، أو العالم المحسوس، هو عالم التعددية، عالم الصيرورة والفساد. ويقع هذا العالم بين الوجود واللاوجود، ويُعتبَر منبعًا للأوهام و أعطى شكلاً للمادة التي هي، في حدِّ ذاتها، أزلية وغير مخلوقة ( تيميوس ).
شاعت نظرية العناصر الأربعة وتقبلها الفلاسفة وعلى رأسهم أفلاطون، الذي أضاف لها عنصراً خامساً هو "الهيولي" وتعني الجوهر. ثم اعتمد نظرية خروج شعاع من العين كمفهوم لرؤية الأشياء.

=> ليوكيبوس 460 - 370 ق م
فيلسوف يوناني، وهو مؤسس النظرية الذرية. و قد غطت على شهرته شهرة تلميذه ديمقريطس الذي طور النظرية بعد ذلك إلى نظام. نظر ليوكيبوس إلى طبيعة المادة وطبيعة تركيبها، وانتهى إلى أن كل جسم يتألف من جسيمات مختلفة الأنواع ويفصل بينها فراغ وهي دائمة التنقل فيه. و اعتبر أن الضوء عبارة عن "نار خارجية" أي تنبعث من الأشياء التي تشاهدها العين.

=> ديمقريطس 460 ـ 370 ق .م
فيلسوف يوناني وضع الإفتراضات الآتية عن المادة، والتي تعد تطويراً لفكرة استاذه ليوكيبوس عن المادة :
1 - المادة تتكون من ذرات، فلو استمرينا في تقسيم المادة لانتهينا إلى وحدات لا تقبل التقسيم وهي الذرات Atoms، وتعني غير قابل للإنقسام مشتقة من الكلمة الإغريقية Atomos.
2 - يفصل الذرات عن بعضها فراغ.
3 - تختلف الذرات فيما بينها في الشكل، مما يكسبها صفاتها المألوفة.
فالذرة عند ديموقريطس وحدة متجانسة غير محسوسة، غير متناهية العدد، متناهية الصغر، وهي الجزء الذي لا يتجزأ من المادة، أزلية ومتحركة بذاتها. وتتشابه الذرات من حيث طبيعة المادة وعدم قبولها القسمة، لكنها تختلف من حيث الشكل والوضع والترتيب. وبوصف ديمقريطس أحد فلاسفة الطبيعة الأوائل الذين حاولوا إعادة الكون إلى جوهر واحد أو مبدأ واحد، فهو يفسر عملية الكون والفساد تبعا لنظريته الذرية. وبرأيه أنه باتحاد الذرات ينشأ الكون، وبافتراقها يتم فساده وزواله، فالأشياء تتركب من ذرات متحركة تلقائيا، ويرجع اختلافها إلى اختلاف مقدار الذرات الداخلة فيها وشكلها وطريقة ترتيبها، ثم تكتسب كيفياتها من لون ورائحة وحرارة، وهكذا تتخلق الأشياء بفعل تصادم الذرات المتحركة في خلاء الكون اللانهائي، فتتنافر وتتباعد بفعل اختلافها، أو تتجاذب وتتآلف بفعل تماثلها. ولأن الخلاء والذرات لانهائية، فالأرجح أن هناك أكواناً أخرى غير هذا الكون. و أن الرؤية تتم بواسطة النار ( الضوء ) الذي تبعثة الأشياء التي تراها العين و أن مصدر هذه النار هو ذرات صغيرة تتصادم فيما بينها لتبعث الضوء.
=> اودكسيس 408 - 355 ق م
فيلسوف يوناني و عالم فلك و رياضيات و طبيب عرف بنظريته "الفلكات أو المجالات الممركزة" بالنسبة لأودوكسيس فإن كل النجوم تدور حول الأرض الثابتة كالشمس و القمر وجميع الكواكب المعروفة آنذاك ( عطارد، الزهرة، المريخ، المشتري وزحل ). يتم التحكم بحركة كل النجوم من قبل مجموعة من الفلكات الخاصة بها. عدد الفلكات يتعلق بالنجم ( 3 للقمر، و مثلها بالنسبة للشمس، و 4 لكل من الكواكب ). ولكن المبدأ هو نفسه في كل مرة.

=> أرسطو 322 ـ 384 ق. م
فيلسوف اغريقي شكك بعد مائة عام من ديمقريطس في وجود الفراغ بين الذرات و قال أن تقسيم المادة يمكن أن يستمر وأحيا بدلاً منها نظرية العناصر الأربعة، والتي تقول إن كل الموجودات تتألف من الماء والهواء والتراب والنار وإن الاختلافات بين المواد ترجع إلى اختلاف مقادير المكونات الأربعة. وهنالك أربع خواص أولية تنتج من اتحاد العناصر الأربعة مع بعضها وهي الصلابة والحرارة والبرودة والسيولة، وهنالك مادة أولية تدخل في تركيب المواد وهي الهيولي، وبفضلها يمكن تحويل بعضها إلى الآخر و أن كل الأجسام تتحرك الى مستقرها.
وقد تطورت هذه الفكرة إلى أن أصبح هم الفلاسفة والعلماء البحث في تحويل المواد الرخيصة كالحديد والنحاس إلى مواد نفيسة كالذهب وذلك عن طريق إضافة أو حذف أجزاء من مكونات المادة، و هو ما شكل النواة الأولى لعلم الخيمياء.
ثم قام ارسطو بتصنيف العالم في تصوره للكون، الى مستويين : عالم ما تحت قمري ( الارض و ما حولها ) وهو عالم غير كامل ومعرض للافساد والاندثار، تسبح فيه الكائنات الدنيا ( المخلوقات ) ثم عالم مافوق قمري، يتكون من الأثير و يضم الكواكب والنجوم حيث تسبح الكائنات العليا ( الالهة ) وهو عالم يتحقق فيه الكمال والخلود.
وطبقا لهذا التصور فان الارض تقع في مركز الكون وتدور الكواكب الخمس المعروفة في هذا الوقت ( عطارد الزهرة المريخ المشتري وزحل ) والشمس والقمر بلاضافة الي القبة السماوية بما فيها من نجوم ثابتة حول الارض.
وكان هذا التصور من ارسطو يحتوي علي كل العناصر الللازمة لنظرية ناجحة بمقاييس ذلك العصر ( الطبيعة لا تقبل الفراغ، الأرض كروية و ثابتة ). فالارض بيت الانسان ذلك الكائن المفكر و المتفلسف هي مركز الكون وهذا يتناسب مع اهميتنا نحن البشر. كما ان الاجرام السماوية ذات شكل كروي و هذا هو اكمل الاشكال كما ان الاجرام السماوية تدور في حركة دائرية و هي اكمل الحركات.
ولكن المشكلة كانت ان هذه النطرية لا تنسجم مع الملاحظة الدقيقة لحركة الاجرام السماوية. وخصوصا في حالة كوكب المريخ فهو احيانا يبدو كما لو كان يتحرك باتجاه الغرب ثم يعود للتحرك باتجاه الشرق.
و فيما يخص الضوء فقد قال ارسطو إن "الضوء هو النشاط الناتج لما هو شفاف" ( مثل المتموجات التي يسببها إلقاء حجر في الماء ) وأن هذه الشفافية خاصية جوهرية لمواد متنوعة، وعند تنشيطها بفعل الشمس أو النار، ينتج عنها الضوء واللون و ذلك عبر تموجات تحدثها الشمس في الأثير و هو ما يشكل نواة النظرية الموجية للضوء.
و أنه ينتشر في المكان بلا زمن أي أن سرعته آنية ورغم اتّباعه لفكرة خروج أشعة الرؤية من العين، فقد كان أول من شكّك في ذلك بقوله أنه لو أن العين هي التي تصدر أشعة الرؤية لكان من الممكن أن نرى الأشياء في الظلام.
اعتقد أرسطو أن الأجسام تتحرك باحثة عن مكانها الطبيعي في الكون؛ فالأجسام الثقيلة، التي تتكون أساساً من التراب والماء تسقط نحو الأرض، وأما الأجسام الخفيفة، مثل الدخان والسحب، فإنها ترتفع إلى أعلى لأن مكانها الطبيعي هو السماء. وتنجم خاصية السقوط والارتفاع عن خاصية الأجسام نفسها ولا علاقة لها بأي مؤثرات خارجية مثل الأرض أو غيرها.

و هكذا و بعد أن ساهمت الفلسفة الاغريقية في عقلنة الفكر الإنساني بعد أن كان تفكيرا أسطوريا خرافيا كما رأينا في الحلقتين السابقتين تعود الفلسفة لتساهم كذلك في تعميق هذه العقلنة الفكرية لتكون بذلك الفلسفة بحق أم العلوم والمعارف.

إعداد وتقديم: Aziz Amrar
تصميم: Achraf Bartya

#أفلاطون #ليوكيبوس #ديمقريطس #اودكسيس #أرسطو #فلسفة #عقلانية #مادة #مثالية

شاهد ايضا مواضيع مشابهة