إغلاق

ملخص العلم هذا الأسبوع

إطلع على أرشيف ملخصات الأسابيع السابقة!

الفلسلفة الحلقة الرابعة : الفلسفة من النهوض إلى الركوض

  • تعليق

بعد وفاة أرسطو، استمر التقليد الفلسفي الارسطوطاليسي سائدا خلال الحقبة الاغريقية من خلال المدرسة المشائية التي أسسها، وقد ساعد ظهور النزعات الانتقائية والكلاسيكية المحدثة خلال القرن الأول قبل الميلاد على تنصيب أرسطو كمرجعية فلسفية وحيدة لجميع الفلاسفة وخصوصا في المنطق والعلوم الطبيعية. إلاّ أن الشذوذ الذي كان يعتلي تصوره للكون جعل الفلاسفة يحاولون البحث عن تفسير، و قد نجح بطليموس في ذلك إلى حد كبير و كانت اسهامات بعض الفلاسفة الكبار محوريا سنحاول تقديم أهمهم في هذه الحلقة :

=> أرسطرخس الساموري 310 ق م – 230 ق م

يتميز أرسطرخس بفكره الفلكي الجريء، فدرس الفلك وقدم فيه انجازات عديدة ومهمة، ومن أهمها: فكرته حول مركزية الشمس داخل النظام الشمسي جاعلا الشمس هي مركز الكون بدلا من الأرض، وسبق بها نظرية كوبرنيكس بنحو 18 قرنا. وقد كان متأثرا بفكر الفيلسوف فيلولاوس أحد أتباع فيثاغورس، وإن كان فيلولاوس قد وضع ناراً مركزية تدور حولها الأرض والشمس والقمر والكواكب الخمسة وقبة النجوم،
تدور نظرية أرسطرخس تلك على أن الشمس تقع في مركز الكون والأرض تدور حولها سنويا، وفي ذات الوقت تدور حول محورها يوميا، وكل الكواكب السيارة الخمس ( آنذاك ) تدور حول الشمس، ماعدا القمر فهو يدور حول الأرض. أما النجوم فهي ثابتة وحركتها اليومية ماهي إلا خدعة سببها دوران الأرض حول محورها في الإتجاه المضاد، واستنتج ذلك بناء على تأكده من كون الشمس أكبر من القمر والأرض، فليس من المعقول أن تتحكم الأرض ذات الحجم الصغير بكوكب كبير كالشمس.
ومن انجازاته الأخرى، قياسه بعد الشمس والقمر عن الأرض، وحجم كل واحد منهما إلى الآخر، وهذه القياسات وردت في كتابه الوحيد ( في حجم الشمس والقمر وأبعادهما ) ولكن لم ترد نظريته عن مركزية الشمس في هذا الكتاب. ومن انجازاته أيضا ابتكاره نوعا من المزاول الشمسية.

=> أقليدس 300 قبل الميلاد ( تاريخ الوفاة غير معروف )

عالم رياضيات يوناني، لقب ب‍‍أبي الهندسة. اشتهر إقليدس بكتابه العناصر وهو الكتاب الأكثر تأثيرا في تاريخ الرياضيات، وقد استخدم هذا الكتاب في تدريس الرياضيات ( وخصوصا الهندسة ) منذ بدايات نشره قديما حتى نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرون. بين ثنايا هذا الكتاب مبادئ ما يعرف اليوم باسم الهندسة الإقليدية والذي تتكون من مجموعة من البديهيات. أنشئ إقليدس بعض المصنفات أيضا في حقول عديدة كالمنظور، القطع المخروطي، الهندسة الكروية، ونظرية الأعداد وغيرها.
و كان يقول أن الرؤية تتم عبر خروج شعاع من العين يتسلط على الأشياء فتتم مشاهدتها و أن أبعاد الأحجام المتساوية لا تتناسب مع المسافة بين هذه الأجسام و العين.
فدرس أقليدس البصريات وقوانين الانعكاس وتدعو الظواهر التي يدرسها علم البصريات مثل انتشار الضوء في خطوط مستقيمة كأشعة، وأشكال الظل ( وشبه الظل )، والانعكاس والانكسار تدعو إلى فكرة أن الضوء عبارة عن جسيمات دقيقة تتحرك بسرعة هائلة

=> أرخميدس (287 - 212 قبل الميلاد)

عالم فيزياء و رياضياتي يوناني . كان خبيرا في العتلات و الاليات، و قد صنع بشكل خاص الات حرب للدفاع عن مدينته سيراكوس (صقلية). و بفضل تجاربه، تمكن من تحديد المبدأ الذي يحمل اسمه حتى اليوم و هو مبدأ أرخميدس. يفسر هذا المبدأ بشكل خاص سبب طفو الأشياء كما ووضع أسس الميكانيكا. وكان من رواد علم ميكانيكا السوائل وعلم الهيدروستاتيكا حيث اهتم بدراسة السوائل في حالة السكون.

=> إراتوستينس 276 - 194 ق.م

عالم رياضيات وجغرافي وفلكي قوريني من ليبيا. أنشئ نظاما لخطوط الطول ودوائر العرض كما عُرٍف بكونه أول من قام بحساب محيط الأرض، ولم يكتف بذلك بل رسم خريطة مفصلة للعالم بناءً على المعلومات التي توفرت لديه في هذه الحقبة وهو الذي اخترع كلمة جغرافيا.
قام إراتوستينس بدحض نظرية الأرض المسطحة، وقد دفعه إلى ذلك قراءته في كتاب عن أن القضبان العمودية لمعبد في جنوب أسوان لا تلقي ظلالاً وذلك في ظهيرة يوم 21 يونيو ذلك أن ظلال المعبد تقصر شيئاً فشيئاً كلما اقترب الوقت من منتصف النهار إلى أن تختفي نهائياً عند منتصف النهار. مما دفعه إلى القيام بتجربة لمعرفة فيما إذا كانت القضبان العمودية في الإسكندرية تلقي ظلالاً في الوقت والتاريخ ذاته ( 21 يونيو ) واكتشف أنها تلقي ظلالاً خلافاً لما هو عليه الأمر في أسوان.
وقد قادته هذه التجربة إلى استنتاج كروية الأرض، فلو كانت الأرض مسطحة فإن أشعة الشمس سوف تجعل الأعمدة في أسوان والإسكندرية تلقي الظلال ذاتها وإن اختلاف الظلال لا يمكن تفسيره إلا بكون الأرض محدبة بحيث تصنع أشعة الشمس زاوية مختلفة مع الأعمدة الموجودة في أسوان عن تلك الموجودة في الإسكندرية. واستنتج إراتوستينس أن الزاوية بين أسوان والإسكندرية مقدارها 7 درجات على امتداد سطح الأرض ( أي إذا رسمنا خطاً مستقيماً من الإسكندرية إلى مركز الأرض وآخر من أسوان إلى مركز الأرض فإن الزاوية بين الخطين مقدارها 7 درجات ) وهي تشكل نحو جزء من خمسين من محيط الأرض المساوي 360 درجة. وقد عرف إيراتوستينس أن المسافة بين أسوان والإسكندرية مقدارها 800 كيلومتر لأنه وظف رجلاً كي يقيس هذه المسافة بالخطوات، وإذا ضربنا الرقم 800 بالرقم 50 نحصل على 40 ألف كيلومتر وهو محيط الكرة الأرضية، وعلى الرغم من أن إراتوستينس لم يمتلك سوى أدوات بسيطة فقد تمكن من خلال الملاحظة والتجربة من التوصل إلى قياس دقيق لمحيط الكرة الأرضية بخطأ لا يزيد إلا أجزاء قليلة بالمئة، مما يجعله إنجازاً ملحوظاً قبل ألفين ومئتي سنة.

=> أبلونيوس 262 ق.م - 190 ق.م

كان فلكي ومهندس وعالم رياضيات يوناني. مشهور لأعماله في مجال القطع المخروطية كالشلجم و الهذلول و الاهليلج التي نعرفها الآن و يرجع له الفضل في وضع فرضية محترمة لمدارات غريبة الأطوار كانت الأساس لفرضية أفلاك التدوير تأثر به كثير من العلماء مثل بطليموس و اسحاق نيوتن.

=> أبرخش أو هيبارخوس 190 ق.م - 120 ق.م

فلكي يوناني اشتهر في القرن الثاني قبل الميلاد، ساعدت أرصاده بطليموس على وضع نظريته عن الكون المحيط بالأرض واكتشف تقهقر الإعتدالٓين ( الخريفي و الربيعي ) وخروج الأرض عن مركز مسار الشمس الظاهري وبعض الاختلافات في حركات القمر، وله جدوال بها 850 نجماً. قام بقياس أطوال البلدان برصد الخسوف، كما استعمل حساب المثلثات بطريقة منتظمة وحسب جداول للأوتار ( معادلة للجيوب المثلثية ).

=> بطليموس ( ما بعد 83 – 161 بعد الميلاد )

قدم تصوره الذي حل التناقض الموجود في النموذج الارسطي. حيث قال ان الارض هي مركز الكون وتدور الكواكب حولها ولكن ليس في مسار دائري كما كان يقول ارسطو ولكن في مسار يدعي “epicycle” ( أفلاك التدوير ) وهذا يعني ان كل كوكب يدور حول مركز معين ما وهذه المراكز هي اللتي تدور حول الارض. فالارض اذن هي مركز المراكز. وبذلك تمكن هذا التصور من توضيح لماذا تبدو الكواكب كانها تتحرك في اتجاه معين ثم تنقلب لتتحرك في الاتجاه الاخر. فسمي هذا التصور "تصور ارسطو - بطليموس"

لا توجد نظرية علمية دامت لفترة طويلة من الزمن كما كان هو الحال في تصور ارسطو ـ بطليموس لمنظومة الكون ما عدا نظرته للضوء التي تم تجاهلها. فقد دام هذا التصور من القرن الرابع قبل الميلاد حتى القرن الخامس عشر بعد الميلاد ( حوالي ألفي عام )

وتبنى الاغريق تصور ارسطو - بطليموس ومن بعد الاغريق تبناه الاوروبيون والكنيسة الغربية. واعتبروا ان نظرية بنية الكون جزء من الدين. واي تصور اخر فهو كفر صريح أو هرطقات في احسن الاحوال. وكان هذا امرا خطيرا. فربط العلم بتصور معين للدين كان ثمنه غاليا جدا. فقد جعل الاوروبيون يتوقفون عن التقدم وتجمدت حضارتهم في مكانها و تراجعت. و انتقلت شعلة العلم إلى مكان اخر. إلى الشرق حيث يعيش الهنود وفى البلاد التى ظهرت فيها الحضارة الاسلامية بعد ذلك. لكن كانت هذه قصة اخرى سنحاول تقديمها في سلسلات قادمة إن شاء الله.

اعداد: Aziz Amrar
تصميم: Yonas Light

  
نتمنى أن نكون قد قدمنا من خلال الحلقات الأربع نبدة عن تاريخ الفلسفة اليونانية و اهم اسهاماتها في تطور العلوم بعد ذلك.

#فلسفة #ارسطو #علوم #ارخميدس #تطور #يونان #بطليموس #الاغريق #العرب #نظرية #الحضارة #اوروبا



شاهد ايضا مواضيع مشابهة