إغلاق

ملخص العلم هذا الأسبوع

إطلع على أرشيف ملخصات الأسابيع السابقة!

على أكتاف العمالقة "من الميثولوجيا إلى العقلانية" .. الحلقة الأولى : مع الفلاسفة الميليسيون ..

  • تعليق
إنه من غير المعقول بل من السذاجة أن نفترض أن العلم قد بدأ في بلاد الإغريق. فثمة حضارات قد سبقت الحضارة اليونانية : كالحضارة الفرعونية و حضارة واد الرافدين و الحضارتين الهندية و الصينية. فتأثير الحضارتين الهندية والصينية في الحضارة الإغريقية مؤكد لكنه ليس بنفس درجة تأثير الحضارتين الفرعونية وواد الرافدين، فكان القلب النابض للحضارة الفرعونية هو "السحر" في حين مثلت "الأسطورة" القلب النابض لحضارة واد الرافدين.
.
=> الفترة قبل طاليس :
إن الحديث عن الفلسفة باعتبارها تفكيرا نظريا منظما في الكون والإنسان مقرون باليونان فهم أول من أطلق على هذا النوع من التفكير اسم "الفلسفة" كما لا يمكن الحديث عن هذا الفكر اليوناني دون استحضار الفكر الأسطوري إذ يلاحظ للفكر اليوناني بداية أسطورية تمثلت بوضوح في أعمال الحكماء السبعة و أشعار هوميروس وهزيود من ناحية وفي العقائد الدينية من ناحية أخرى.
لقد انتقل الفكر اليوناني من هذه المرحلة الأسطورية الخالصة إلى مرحلة امتزجت فيها الأسطورة بالدليل العقلي ليتخلص بعد ذلك من الأسطورة والخرافة و لو نسبيا، ثم تلا ذلك ظهور المذهب العقلي ليصبح بذلك "العقل" هو القلب النابض للحضارة الإغريقية.
لم يكن الفيلسوف اليوناني يخضع لأي سلطة تعترض تفكيره إلا سلطة عقله الواعي، حيث دأب الفلاسفة اليونان على انتقاد بعضهم البعض فكان كل فيلسوف يحلل و ينتقد وجه القصور في كلام من سبقه فكان التطور الفلسفي الذي لم يشهد له التاريخ الفكري الإنساني مثيلا في أي عصر لاحق و سنحاول من خلال هذه السلسلة التطرق لأهم الفلاسفة حسب التسلسل الزمني و سنقتصر على الجانب العلمي الذي ساعد على فهم الكون و المادة و الضوء و الجاذبية و بمستوى أقل مفهومي الفراغ و اللانهاية قصد الاختصار
.
=> طاليس 624 ـ 548 ق.م
من فلاسفة الاغريق من ميليتس بآسيا الصغرى و أحد حكماء اليونان السبعة، جاء طاليس بنظرة جديدة وهي أن الظواهر الطبيعية يمكن تفسيرها بطبيعة المواد وبطريقة عقلانية و هكذا يكون طاليس أول من حاول تفسير الظواهر الطبيعية بعيدا عن الأساطير، واعتقد ان الحوادث الطبيعية تحدث من نفسها وهو أول من أفترض تطور المواد والأجسام والكائنات الحية، ومن افتراضاته أن الأرض كانت تعوم على الماء و أن الاهتزازات الأرضية تحدث بفعل الأمواج تحت الأرض. بدلا من تفسير الهزات الأرضية بفعل الآلهة.
وخلاصة تفسيره أن الماء قوام جميع الموجودات واختلافها يرجع إلى اختلاف حالة الماء وكميته فيها، ومن الماء نشأت كل العناصر، وأن الحياة توجد حيث يوجد الماء، وتنعدم عند انعدامه.
فالأرض مثلا تتكون من الماء المكثف و الهواء يتكون من الماء المخلخل و في النهاية سيتحول كل شيء إلى ماء فيكون قد عاد لأصله.
.
=> أناكسيماندر : 610 - 546 ق.م
فيلسوف يوناني كان نصيراً مبكراّ للعلم وحاول ملاحظة وشرح جوانب الكون المختلفة. مع اهتمام خاص بأصولها، حيث قال أن الطبيعة تحكمها القوانين. تماماً مثل المجتمعات البشرية. وأن أي شيء يهدد توازنها لا يدوم طويلاً. في مجال الفلك، حاول وصف علاقات الأجرام السماوية بالأرض. و هو أول من وضع تصميما ميكانيكيا للكون حيث النجوم أقرب إلى الأرض من القمر و الشمس و ادعى أن الأرض مسطحة و دائرية معلقة في الفضاء و تطفو في توازن في مركز اللانهاية دون أن يدعمها أي شيء مغطاة بقبة سماوية، في الفيزياء، أقر بأن اللانهائي هو أصل كل الأشياء. ومعرفته بالهندسة أتاحت له أن يقدم "المزولة" لأول مرة إلى العالم الإغريقي. وصنع خريطة للعالم تتفق إلى حد كبير مع المقاييس الجغرافية المتقدمة. وبإعلانه أن القوى الفيزيائية وليست القوى الخارقة هي التي تصنع النظام في الطبيعة. يعتبر أناكسيماندر أول عالم حقيقي. كما يعتبر أول من استخدم التجريب العلمي.
.
=> أناكسيمنس 585 ـ 528 ق.م
فيلسوف يوناني نادى بنظرية الهواء، وخلاصتها أن المادة أصلها من الهواء، وأن السبب في تكوين المادة هو تخلخل الهواء واختلاف كثافته. و اعتبر أن النجوم مسمرة في القبة السماوية و أنها أبعد من الكواكب و الشمس و القمر و تجاهل حقيقة مرور الشمس خلف الأرض و قال أنها تختبأ خلف الأفق لتعود إلى البداية مع كل صباح و أن القمر يتلقى ضوءه من الشمس.
ما يجعل الفلاسفة الميليسيون الثلاثة مميزون هو تجسد العقل في اعمالهم و أن الإنسان النظري أصبح واقعياً، وأن طريقة التفكير انتقلت من التفكير الميثولوجي أو الخرافي، إلى التفكير العقلاني. حيث بات الأمر هو تفسير ما هو كوني وعام. وكل ما في الكون الآن يمكن أن يفسره العقل البشري. و هكذا سيسجل دخول العقل ولأول مرة معترك التاريخ، بعد أن أُنزل من السماء إلى الأرض، لكي يشيع نوره منذ ذلك الحين، كما لو أن غشاوة قد انقشعت عن عيون البشرية العمياء، ولن يكف عن إنارة طريق المعرفة.
.
قال "جون بورني" : "لقد فتح الفلاسفة الميليسيون الطريق التي لم يجد العلم بدا من اتباعها" فما رأيكم في أهمية هذه الفترة من تاريخ العلم و هل كانت فعلا نقطة بداية العلم الحديث كما نعرفه اليوم ؟

المصادر :
- مدخل إلى الفلسفة لحسام الآلوسي
- مراسلات التكويـن عـن بعـد لأساتــذة التعليـم الأساسـي ( علوم دقيقة - تاريخ العلم ) الجمهوريـة الجزائريـة
- موسوعة المعارف الحديثة - المجلد 20 ( ميتافيزيقا القدماء )
- ويكيبيديا - الموسوعة الحرة على الأنترنت

  
إعداد : Aziz Amrar
تصميم : Achraf Bartya

شاهد ايضا مواضيع مشابهة